فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {هذانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ}.
والخصمان ها هنا فريقان، وفيهما أربعة أقاويل:
أحدها: أنهما المسلمون والمشركون حين اقتتلوا في بدر، وهذا قول أبي ذر، وقال محمد بن سيرين: نزلت في الثلاثة الذين بارزوا يوم بدر ثلاثة من المشركين فقتلوهم.
والثاني: أنهم أهل الكتاب قالوا: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم. ونحن خير منكم، فقال المسلمون كتابنا يقضي على كتابكم، ونبينا خاتم الأنبياء. ونحن أولى بالله منكم، وهذا قول قتادة.
والثالث: أنهم أهل الإِيمان والشرك في اختلافهم في البعث والجزاء، وهذا قول مجاهد، والحسن، وعطاء.
والرابع: هما الجنة والنار اختصمتا، فقالت النار: خلقني الله لنقمته، وقالت الجنة: خلقني الله لرحمته، وهذا قول عكرمة.
{فَالَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعْتَ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ} معناه أن النار قد أحاطت بها كإحاطة الثياب المقطوعة إذا لبسوها عليهم، فصارت من هذا الوجه ثيابًا، لأنها بالإِحاطة كالثياب.
{يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ} ها هنا هو الماء الحار، قال الشاعر:
كأن الحميم على متنها ** إذا اغترفته بأطساسها

جُمان يحل على وجنةٍ ** علته حدائد دوّاسها

وضم الحميم إلى النار وإن كانت أشد منه لأنه ينضج لحومهم، والنار بانفرادها تحرقها، فيختلف به العذاب فيتنوع، فيكون أبلغ في النكال.
وقيل إنها نزلت في ثلاثة من المسلمين قتلوا ثلاثة من المشركين يوم بدر حمزة بن عبد المطلب قتل عتبة بن ربيعة، وعليّ بن أبي طالب قتل الوليد بن عتبة، وعبيدة بن الحارث قتل شيبة بن ربيعة.
قوله تعالى: {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: يحرق به وهو قول يحيى بن سلام.
والثاني: يقطع به، وهو قول الحسن.
والثالث: ينضج به، وهو قول الكلبي ومنه قول العجاج:
شك السفافيد الشواء المصطهرْ

والرابع: يذاب به، وهو قول مجاهد، مأخوذ من قولهم: صهرت الألية إذا أذبتها، ومنه قول ابن أحمر:
تروي لقى ألقى في صفصفٍ ** تصهره الشمس فما ينْصهِر

{وَلَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} والمقامع: جمع مقمعة، والمقمعة ما يضرب به الرأس لا يعي فينكب أو ينحط. اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله تعالى: {هذان خصمان} الآية، اختلف الناس في المشار إليه بقوله: {هذان} فقال قيس بن عباد وهلال بن يساف: نزلت هذه الآية في المتبارزين يوم بدر وهو ستة: حمزة، وعلي، وعبيدة بن الحارث، برزوا لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال: أنا أول من يجثو يوم القيامة للخصومة بين يدي الله تعالى، وأقسم أبو ذر على هذا القول ع ووقع أن الآية فيهم في صحيح البخاري، وقال ابن عباس: الإشارة إلى المؤمنين وأهل الكتاب وذلك أنه وقع بينهم تخاصم فقالت اليهود نحن أقوم دينًا منكم ونحو هذا، فنزلت الآية، وقال عكرمة: المخاصمة بين الجنة والنار، وقال مجاهد وعطاء بن أبي رباح والحسن بن أبي الحسن وعاصم والكلبي: الإشارة إلى المؤمنين والكفار على العموم ع وهذا قول تعضده الآية، وذلك أنه تقدم قوله: {وكثير من الناس} المعنى هم مؤمنون ساجدون، ثم قال: {وكثير حق عليه العذاب} ثم أشار إلى هذين الصنفين بقوله: {هذان خضمان} والمعنى أن الإيمان وأهله والكفر وأهله خصمان مذ كانا إلى قيام الساعة بالعدواة والجدال والحرب، وقوله تعالى: {خصمان} يريد طائفتين لأن لفظة خصم هي مصدر يوصف به الجمع والواحد ويدل على أنه أراد الجمع قوله: {اختصموا} فإنها قراءة الجمهور، وقرأ ابن أبي عبلة {اختصما في ربهم} وقوله: {في ربهم} معناه في شأن ربهم وصفاته وتوحيده، ويحتمل أن يريد في رضاء ربهم وفي ذاته، ثم بين حكمي الفريقين فتوعد تعالى الكفار بعذاب جهنم، و{قطعت} معناه جعلت لهم بتقدير، كما يفصل الثوب، وروي أنها من نحاس وقيل ليس شيء من الحجارة والفلز أحر منه إذا حمي، وروي في صب {الحميم} وهو الماء المغلي أنه تضرب رؤوسهم بـ: المقامع فتنكشف أدمغتهم فيصب {الحميم} حينئذ، وقيل بل يصب أولًا فيفعل ما وصف، ثم تضرب بـ: المقامع بعد ذلك، و{الحميم} الماء المغلي، و{يصهر} معناه يذاب، وقيل معناه يعصر وهذه العبارة قلقة، وقيل معناه ينضج ومنه قول الشاعر:
تصهره الشمس ولا ينصهر

وإنما يشبه فيمن قال يعصر أنه أراد الحميم يهبط كل ما يلقى في الجوف ويكشطه ويسلته، وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه يسلته ويبلغ به قدميه ويذيبه، ثم يعاد كما كان» وقرأ الجمهور: {يصهر} وقرأت فرقة {يصَهّر} بفتح الضاد وشد الهاء، والمِقمعة بكسر الميم مقرعة من حديد يقمع بها المضروب، وقوله: {أرادوا} روي فيه أن لهب النار إذا ارتفع رفعهم فيصلون إلى أبواب النار فيريدون الخروج فيضربون بـ: {المقامع} وتردهم الزبانية ومن في قوله: {منها} الابتداء الغاية، وفي قوله: {من غم} يحتمل أن تكون لبيان الجنس ويحتمل أن تكون لابتداء غاية أيضًا وهي بدل من الأولى. وقوله: {وذوقوا} هنا محذوف تقديره ويقال لهم: {ذوقوا} و{الحريق} فعيل بمعنى مفعل أي محرق، وقرأ الجمهور: {هذان} بتخفيض النون وقرأ ابن كثير وحده {هذانّ} بتشديد النون، وقرأها شبل وهي لغة لبعض العرب في المبهمات، كاللذان، وهذان وقد ذكر ذلك أبو علي. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {هذان خصمان}.
اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال.
أحدها: أنها نزلت في النفر الذين تبارزوا للقتال يوم بدر، حمزة، وعلي، وعبيدة بن الحارث، وعتبة وشيبة ابنَي ربيعة، والوليد ابن عتبة، هذا قول أبي ذر.
والثاني: أنها نزلت في أهل الكتاب، قالوا للمؤمنين: نحن أولى بالله، وأقدم منكم كتابًا، ونبيُّنا قبل نبيكم، وقال المؤمنون: نحن أحق بالله، آمنا بمحمد، وآمنا بنبيِّكم وبما أنزل الله من كتاب، وأنتم تعرفون نبيَّنا، ثم كفرتم به حسدًا، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس، وقتادة.
والثالث: أنها في جميع المؤمنين، والكفار، وإِلى هذا المعنى ذهب الحسن، وعطاء، ومجاهد.
والرابع: أنها نزلت في اختصام الجنة والنار، فقالت النار: خلقني الله لعقوبته، وقالت الجنة: خلقني الله لرحمته، قاله عكرمة.
فأما قوله تعالى: {هذان} وقرأ ابن عباس، وابن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وابن كثير: {هذانّ} بتشديد النون {خصمان}، فمعناه: جمعان، وليسا برجلين، ولهذا قال تعالى: {اختصموا} ولم يقل: اختصما؛ على أنه قرأ ابن مسعود، وابن أبي عبلة: {اختصما}.
وفي خصومتهم ثلاثة أقوال.
أحدها: في دين ربِّهم، وهذا على القولين الأوليين.
والثاني: في البعث، قاله مجاهد.
والثالث: أنه خصام مفاخرة، على قول عكرمة.
قوله تعالى: {قطِّعت لهم ثياب} أي: سُوِّيت وجُعلت لباسًا.
قال ابن عباس: قُمُص من نار.
وقال سعيد بن جبير: المراد بالنار هاهنا: النحاس.
فأما الحميم فهو الماء الحارُّ {يُصهر به} قال الفراء: يذاب به، يقال: صهرت الشحم بالنار.
قال المفسرون: يذاب بالماء الحارِّ {ما في بطونهم} من شحم أو مِعىً حتى يخرج من أدبارهم، وتنضج الجلود فتتسقاط من حرِّه، {ولهم مقامع} قال الضحاك: هي المطارق.
وقال الحسن: إِن النار ترميهم بلهبها، حتى إِذا كانوا في أعلاها، ضُرِبوا بمقامع فَهَوَوْا فيها سبعين خريفًا، فإذا انتهوا إِلى أسفلها، ضربهم زفير لهبها، فلا يستقرُّون ساعة.
قال مقاتل: إِذا جاشت جهنم، ألقتهم في أعلاها، فيريدون الخروج، فتتلقَّاهم خزنة جهنم بالمقامع، فيضربونهم، فيهوي أحدهم من تلك الضربة إِلى قعرها.
وقال غيره: إِذا دفعتهم النار، ظنوا أنها ستقذفهم خارجًا منها، فتعيدهم الزبانية بمقامع الحديد. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {هذان خَصْمَانِ اختصموا فِي رَبِّهِمْ} خرّج مسلم عن قيس بن عُبَاد قال: سمعت أبا ذَرٍّ يُقسم قَسَمًا إنّ {هذان خصمان اختصموا في ربهم} إنها نزلت في الذين بَرَزُوا يوم بدر: حمزةُ وعليٌّ وعبيدةُ بن الحارث رضي الله عنهم وعتبةُ وشيبةُ ابنا ربيعة والوليد بن عتبة.
وبهذا الحديث ختم مسلم رحمه الله كتابه.
وقال ابن عباس: نزلت هذه الآيات الثلاث على النبيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة في ثلاثة نفر من المؤمنين وثلاثة نفر كافرين؛ وسمّاهم، كما ذكر أبو ذر.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إني لأوّل من يجثو للخصومة بين يدي الله يوم القيامة؛ يريد قصته في مبارزته هو وصاحباه؛ ذكره البخاري.
وإلى هذا القول ذهب هلال بن يَساف وعطاء بن يَسار وغيرهما.
وقال عكرمة: المراد بالخصمين الجنة والنار؛ اختصمتا فقالت النار: خلقني لعقوبته.
وقالت الجنة خلقني لرحمته.
قلت: وقد ورد بتخاصم الجنة والنار حديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اِحتجت الجنة والنار فقالت هذه يدخلني الجبارون والمتكبرون وقالت هذه يدخلني الضعفاء والمساكين فقال الله تعالى لهذه: أنت عذابي أعذب بِك من أشاء وقال لهذه: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها» خرّجه البخاري ومسلم والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وقال ابن عباس أيضًا: هم أهل الكتاب قالوا للمؤمنين نحن أولى بالله منكم، وأقدم منكم كتابًا، ونبيُّنا قبل نبيّكم.
وقال المؤمنون: نحن أحق بالله منكم، آمنا بمحمد وآمنا بنبيكم وبما أنزل إليه من كتاب، وأنتم تعرفون نبينا وتركتموه وكفرتم به حسدًا؛ فكانت هذه خصومتَهم، وأنزلت فيهم هذه الآية.
وهذا قول قتادة، والقول الأوّل أصح رواه البخاري عن حَجّاج بن مِنْهال عن هُشيم عن أبي هاشم عن أبي مِجْلَز عن قيس بن عُباد عن أبي ذر، ومسلمٌ عن عمرو بن زُرَارة عن هُشيم، ورواه سليمان التيميّ عن أبي مِجْلَز عن قيس بن عُباد عن علي قال: فينا نزلت هذه الآية وفي مبارزتنا يوم بدر {هذان خصمان اختصموا في ربهم} إلى قوله: {عذاب الحريق}. وقرأ ابن كثير {هذانّ خصمان} بتشديد النون من {هذان}.
وتأوّل الفرّاء الخصْمَين على أنهما فريقان أهل دينين، وزعم أن الخصم الواحد المسلمون والآخر اليهود والنصارى، اختصموا في دين ربهم؛ قال: فقال: {اختصموا} لأنهم جمع، قال: ولو قال اختصما لجاز.
قال النحاس: وهذا تأويل من لا دراية له بالحديث ولا بكتب أهل التفسير؛ لأن الحديث في هذه الآية مشهور، رواه سفيان الثَّوْرِي وغيره عن أبي هاشم عن أبي مِجْلَز عن قيس بن عُباد قال: سمعت أبا ذَرٍّ يُقسم قَسَمًا إن هذه الآية نزلت في حمزة وعليّ وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة. وهكذا روى أبو عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس.
وفيه قول رابع أنهم المؤمنون كلهم والكافرون كلهم من أي ملة كانوا؛ قاله مجاهد والحسن وعطاء بن أبي رَبَاح وعاصم بن أبي النَّجُود والكلبي. وهذا القول بالعموم يجمع المنزل فيهم وغيرهم. وقيل: نزلت في الخصومة في البعث والجزاء؛ إذ قال به قوم وأنكره قوم.
{فالذين كَفَرُواْ} يعني من الفِرق الذين تقدم ذكرهم.
{قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارِ} أي خِيطت وسُوِّيت؛ وشبّهت النار بالثياب لأنها لباس لهم كالثياب.
وقوله: {قُطِّعَتْ} أي تقطع لهم في الآخرة ثياب من نار؛ وذُكر بلفظ الماضي لأن ما كان من أخبار الآخرة فالموعود منه كالواقع المحقَّق؛ قال الله تعالى: {وَإِذْ قال الله ياعيسى ابن مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ} [المائدة: 116] أي يقول الله تعالى.
ويحتمل أن يقال قد أعدّت الآن تلك الثياب لهم ليلبسوها إذا صاروا إلى النار.
وقال سعيد بن جبير: من نار من نحاس؛ فتلك الثياب من نحاس قد أذيبت وهي السرابيل المذكورة في قطران وليس في الآنية شيء إذا حَمِي يكون أشدّ حَرًّا منه.
وقيل: المعنى أن النار قد أحاطت بهم كإحاطة الثياب المقطوعة إذا لبسوها عليهم؛ فصارت من هذا الوجه ثيابًا لأنها بالإحاطة كالثياب؛ مثل {وَجَعَلْنَا الليل لِبَاسًا} [النبأ: 10].
{يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الحميم} أي الماء الحار المُغَلَّى بنار جهنم.
وروى الترمذيّ عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن الحميم ليُصَبّ على رؤوسهم فينفذ الحمِيم حتى يَخْلُص إلى جوفه فيَسْلِت ما في جوفه حتى يَمْرُق من قدميه وهو الصَّهْر ثم يعاد كما كان» قال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
{يُصْهَرُ} يذاب.
{بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ} والصَّهر إذابة الشحم.
والصُّهارة ما ذاب منه؛ يقال: صَهَرْت الشيء فانصهر؛ أي أذبته فذاب، فهو صهير.
قال ابن أحمر يصف فرخ قَطاة:
تَرْوِي لَقًى أُلْقِيَ في صَفْصفٍ ** تَصْهره الشمسُ فما يَنْصَهِرْ

أي تذيبه الشمس فيصبر على ذلك.
{والجلود} أي وتُحرق الجلود، أو تُشوى الجلود؛ فإن الجلود لا تذاب، ولَكِن يُضَمّ في كل شيء ما يليق به؛ فهو كما تقول: أتيته فأطعمني ثريدًا، إي والله ولبنا قارصًا؛ أي وسقاني لبنًا.
وقال الشاعر:
عَلَفتها تبنًا وماء باردا

{وَلَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} أي يُضربون بها ويدفعون؛ الواحدة مِقْمَعة، ومِقْمَع أيضًا كالمِحْجَن، يضرب به على رأس الفيل. وقد قَمَعته إذا ضربته بها. وقمعته وأقمعته بمعنًى؛ أي قهرته وأذللته فانقمع. قال ابن السِّكيت: أقمعت الرجلَ عنّي إقماعًا إذا طلع عليك فرددته عنك.وقيل: المقَامع المطارق، وهي المرازب أيضًا.وفي الحديث: «بيد كل مَلَك من خَزنة جهنم مِرْزَبَة لها شُعبتان فيضرب الضربة فيهوي بها سبعين ألفًا» وقيل: المقامع سياط من نار، وسُمّيت بذلك لأنها تقمع المضروب؛ أي تذلّله.
قوله تعالى: {كُلَّمَا أرادوا أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا} أي من النار.
{أُعِيدُواْ فِيهَا} بالضرب بالمقامع.
وقال أبو ظبيان: ذُكر لنا أنهم يحاولون الخروج من النار حين تجيش بهم وتفور فتُلْقي من فيها إلى أعلى أبوابها فيريدون الخروج فتعيدهم الخزان إليها بالمقامع.
وقيل: إذا اشتدّ غمهم فيها فرُّوا؛ فمن خَلَص منهم إلى شَفِيرها أعادتهم الملائكة فيها بالمقامع، ويقولون لهم {وَذُوقُواْ عَذَابَ الحريق} أي المُحْرِق؛ مثلُ الأليم والوجيع. وقيل: الحريق الاسم من الاحتراق. تحرّق الشيء بالنار واحترق، والاسم الحُرْقة والحريق. والذّوْق: مماسّةٌ يحصل معها إدراك الطعم؛ وهو هنا توسّع، والمراد به إدراكهم الألم. اهـ.